الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الــقــلـم الــحــــر: مشموﻻت المسؤول عن شؤون اﻷديان في الدولة المدنية الديمقراطية

نشر في  09 نوفمبر 2016  (10:22)

بقلم الأستاذ عفيف البوني

ﻻتحتاج الدولة المدنية الديمقراطية في إدارة شؤون كل اﻷديان لكل أصناف المؤمنين بها لوزير ووزارة، بل إدارة واحدة تكفي للإشراف على السير  الحسن ﻻحترام الحريات الدينية من قبل الجميع، والدولة ﻻ تتدخل في المعتقدات لعدم كفاءتها في ذلك ولمنع السياسيين من استغلال الدين لتحزيب المتدينين ﻷحزابهم الفئوية،وفي هذا السياق، تكون مشموﻻت وزير الشؤون الدينية ووزارته في بلادنا بدستور 2014، اﻹشراف الرسمي على ممارسة المعتقدات الدينية للمسلمين واليهود وغيرهم في حرية في نطاق القانون.

والسيد عبد الجليل بن سالم الوزير أقيل من وظيفة رسمية ﻷنه تصرف في ما صرح به، بما ليس من صلاحياته الوظيفية، فلا يمكنه منطقيا أن ينوب وزير الخارجية وﻻ وزير الداخلية وﻻ وزير الدفاع حتى يصرح بما يدخل في اختصاصاتهم من المسائل الحساسة والتي ﻻ تحل بالتصريحات، وربط تصور مذهبي بأن مصدر اﻹرهاب لوحده، تصور بعيد عن الحقيقة كل البعد، فتونس  المالكية المذهب، تتصدر الدول اﻹسلامية في تزويد بؤر الحروب اﻷهلية والطائفية بعدد كبير من اﻹرهابيين، وذلك عندما وجد المال بيد الدعاة المكفرين المجندين سياسيا لتجنيد المرتزقة باسم هذا اﻻسلام السياسي الطائفي ضد إسلام سياسي آخر طائفي وأمثلة ذلك تحدث في سوريا والعراق وليبيا  واليمن، رغم أن الجميع من المسلمين سنة وشيعة ومن كل المذاهب التي ابتدعها اﻷسلاف فحولوا اﻻسﻻم المحمدي الواحد والموحد إلى إسلامات سياسية أي حولوا المسلمين الى طوائف متناحرة، وحين يرفض الوزير المقال الوهابية الحنبلية، فهو  يرفضها بمنطق سني  وكأن مذهب مالك كله ممتاز كله منسجم مع الدستور ومع الواقع التونسي الراهن، إنه، أي الوزير، يرفض اسلاما سياسيا طائفيا بإسلام سياسي طائفي آخر، وهذا ليس من مهامه كوزير وﻻ يستقيم في عقل المسلم غير الطائفي، أما بمنطق السياسة فالوزير أضر من حيث يدري أو ﻻ يدري بمصالح تونس ، وانا هنا تهمني كما أغلب التونسيين، مصلحة تونس، وهذه المصلحة ﻻ يخدمها أبدا منطق التهريج باسم تصدير الثورة أو التباهي بالحرية في التعبير أو عبر المزايدة بالتشهير السياسي واﻹعلامي ضد دول وأنظمة سياسية ليس لنا عليها أو على شعوبها وصاية وليس لنا دروس نعطيها مجانا للجيران واﻷشقاء مهما كانت بيننا من اختلافات وتناقضات، خصوصا وتونس بلد صغير وأزماته اﻻقتصادية والسياسية تتفاقم.

بقيت مسألة أخرى، يبرر الوزير بها موقفه الخارج عن مشموﻻته، وبرر له آخرون ذلك، وهي أنه عبر عن رأيه كمثقف أو كجامعي، ونسي الوزير المقال ونسي من برروا له، أن حرم العلم في الجامعة مفتوح بلا حدود، اﻻ ما ﻻيرضاه الضمير او يتنافى مع المنطق والتجربة، أما في الوزارة والسياسة فكل شيء محدد ويخضع للمشموﻻت والمسؤوليات كما هي في ألقوانين والسياسات وبمنطق المصالح والمعايير، ويكفي بلادنا ما سبب لها المنصف المرزوقي من العداوات والفرص الضائعة مع دول صديقة وشقيقة، بادعاء باطل وهو أنه يصرح بصفته مفكرا وما هو بالمفكر اﻻ ان اعتبرنا الشطحات المزاجية والتلقائية فكرا، إن  المثقف  غير الوزير او المسؤول السياسي، فالمثقف موظف عند نفسه يقول ما يشاء متى شاء، اما الوزير والمسؤول فهو موظف مقيد وملتزم بالقوانين المرجعية لوظيفته، وليس بإمكانه الجمع بين ضمير المثقف الحر وبين وظيفة المسؤول السياسي.

لقد أساء الوزير المقال لمصلحة تونس، أما كمثقف، فقد أخطأ في المنطق، حين عارض مذهبا فئويا بمنطق مذهب طائفي، وأخطأ سياسيا حين تطرق في تصريحه، إلى ذكر اﻷشخاص من الديبلوماسيين بالصفة، وفي ذلك، تصرف مناف لمبدإ خصوصية التناول الديبلوماسي العابر للقضايا، والديبلوماسي كما السياسي،يرفع معلوماته لمرؤوسيه، وﻻ يصرح بها ﻷجهزة اﻹعلام، خدمة لمصلحة بلده، واحتراما للتقاليد السياسية والديبلوماسية بين الدول،